تحضير نص بن سيدي رحيل الثانية اعدادي
عدادي
مَا كاد صوت المزمار والبندير حَتَّى ارتفعت زغاريد وأطلت رؤوس نسوة من فَوْقَ السطوح والمرتفعات. تسابق الأطفال كالعادة إِلَى كل مَا يحدث، وسار الرجال إِلَى خارج البلدة يستقبلون الكريم المكرم ((بن سيدي رحيل)). وفادته السنوية توافق عادة مواسم المحصول ويستقر بينهم أسبوعا كاملا، ولكنه قَد يفد مرة أَوْ مرتين فِي غير الموسم، عبر تجواله، فَلَا يطيل وَلَا يقضي أكثر من ليلة ويكون تعريجه عَلَى أية بقعة بركة وحظوة.
كَانَ يَبْدُو شيخا طاعنا فِي السِنْ، وَلَكِن العافية ناطقة بِكُلِّ جارحة من جوارحه، شديد السمرة، عريض المنكبين طويل القامة، تنتفخ أوداجه وَهُوَ ينفخ فِي مزماره المزدوج القصبتين، تلعب أصابعه عَلَى ثقوبه ببراعة فائقة، وجسمه يتلوى مَعَ الأنغام، وإلى جانبه رفيقته ((للا مو الخير)) هِيَ.. هِيَ، مُنْذُ أن كَانَت وعرفت، لَا تقل عَنْهُ صِّحَة وعافية، إلَّا أَنَّهَا بدينة وأقصر قامة، تضرب عَلَى البندير وترقص عَلَى نغماته بخفة.
سار الركب وَهُوَ يتوقف بَيْنَ الحين والآخر كلما وصل بعض من جموع المستقبلين يحيي ويرحب، لِيَرْتَفِعَ المزمار والبندير حَتَّى حل أخيرا بمكانه المعتاد وسط البلدة. انتصب خباء وفرشت أبسطة فَوْقَ الحصر، وحط ((بن سيدي رحيل)) وَمِنْ مَعَهُ رحالهم، انتصب ((البابور)) الفضي اللماع، وصفت أواني الشاي.
حدق الرجل فِي من حوله تحديقا طويلا غريبا بابتسامة صامتة عريضة تبين عَنْ قواطع بيضاء كبيرة فِي حجم حبات الفول، وما لبث أن غاب فِي شرود وتفكير عميق، وأصابع رفيقته تداعب صفحة البندير بإيقاع خافتى لَا يكاد يحس. وحين انتفض ((بن سيدي رحيل)) كالمستفيق من غفوة، مسح وجهه عدة مرات بكفيه العريضتين مخللا لحيته القصيرة بأصابعه، ثُمَّ ابتسم بهدوء، وأمر أن ينادي مناد فِي أهل ((البطنية)) أن لَا يبقى أحد فِي قلبه ضغينة عَلَى أحد، وليصافح كل رجل أَوْ امرأة أَوْ طفل خصمه، وليتراض كل زوجين، ولتكن الذبيحة كبيرة باسم الجميع لمصافحة الجميع…وليؤكد المنادي أن لعنة الله وسخطه، وسخط ((بن سيدي رحيل)) عَلَى كل من يتكبر أَوْ يتجبر ويتأخر فِي المصالحة…وَلَنْ يقبل مِنْهُ طعام أَوْ شراب.
وَبعْدَ صمت قصير أضاف بِأَنَّ يتوجه الرجال بكبش أقرن يذبحونه عَلَى عتبة ((بنت الرشام))… والموعد مَعَ الكل بعد العشاء فِي ليلة ساهرة مَعَ ((بن سيدي رحيل)). أنهى أوامره وطلباته، واشار إِلَى المجتمعين حوله، يهشهم عَنْهُ للتنفيذ، بمن فيهم ((للا مو الخير)) نفسها، الَّتِي كَانَت تعرف مَا يَجِبُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الأحوال، بَيْنَمَا اتكأ الرجل عَلَى جنبه، وأغمض عينيه ينشد غفوة.
أولا: التعريف بالكاتب مبارك ربيع
![]() | |
مراحل من حياته: | أعماله: |
– ولد سنة 1940 بسيدي معاشو (عمالة سطات) – اشتغل بِالتَّعْلِيمِ الابتدائي إِبْتِدَاءً مِنْ سنة 1958 – حصل عَلَى الإجازة فِي الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع سنة 1967 – حصل عَلَى دبلوم الدراسات العُلْيَا فِي علم النفس سنة 1975 – نال دكتوراه الدولة سنة 1988 – نضم إِلَى اتحاد كتاب المَغْرِب سنة 1961. – أسندت إِلَيْهِ مهمة قيدوم بكلية الآداب و العلوم الإنسانية ابن مسيك. | القصص: – سيدنا قدر – دم ودخان – رحلة الحب والحصاد الروايات: – الطيبون – رفقة السلاح والقمر – الريح الشتوية – بدر زمانه – برج السعود – من جبالنا الدراسات: – عواطف الطفل: دراسة فِي الطفولة والتنشئة الاجتماعية – مخاوف الأطفال وعلاقتها بالوسط الاجتماعي. كتب للأطفال: – أحلام الفتى السعيد – ميساء ذات الشعر الذهبي – بطل لَا كغيره – طريق الحرية. |
ثانيا: ملاحظة النص واستكشافه
1. العنوان:
- تركيبيا: يَتَكَوَّنُ العنوان من أربع كلمات تكون فِيمَا بينها مركبين اثنين: الأول إضافي (بن سيدي)، والثاني بدلي (سيدي رحيل)
- معجميا: ينتمي العنوان إِلَى المجال الاجتماعي.
- دلاليا: يوحي العنوان بكنية لأحد الأشخاص الشرفاء، وَمِنْ طريقة التلفظ بِهِ (كسر حرفي السين والدال لكلمة “سيدي” )، يتضح أن هَذَا الشخص مغربي من ذوي النسب الشريف.
2. بداية النص:
3. نهاية النص:
4. نوعية النص:
ثالثا: فهم النص
1. الإيضاح اللغوي:
2. الحدث الرئيسي:
رابعا: تحليل النص
1. يمزج السارد بَيْنَ السرد والوصف:
أ. السرد:
ب- الوصف:
– البطنية: مكان وسط البلدة – انتصب فِيهِ خباء – فرشت فِيهِ أبسطة ….
2. الألفاظ والعبارات الدالة عَلَى الطقوس الاجتماعية الَّتِي تتزامن مَعَ قدوم بن سيدي رحيل:
3. نوع الرؤية السردية:
4. موقف الكاتب من الظواهر الاجتماعية الَّتِي يعالجها النص:
خامسا: التركيب والتقويم:
يتناول النص ظاهرة اجتماعية يعرفها المَغْرِب وَتَتَجَلَّى فِي قيام بعض الأشخاص بالتجوال بَيْنَ القرى بحثا عَنْ المساعدات اعتمادا عَلَى بعض المعتقدات الدينية من قبيل: الأولياء الصالحين و الأشخاص المكرمين، حَيْتُ يحتفل الناس بقدومهم تصديق من بعضهم، أَوْ رغبة فِي الفرجة من البعض الآخر.
وَفِي هَذَا النص بالتحديد تتحدد معالم شخصية بن سيدي رحيل ومكانته عِنْدَ أهل البطنية اللَّذِينَ يفرحون بقدومه، ويحتفلون بِهَذِهِ المناسبة مِنْ خِلَالِ الالتزام بمجموعة من الطقوس الَّتِي يفرضها عَلَيْهِمْ ويأمرهم بتنفيدها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق